نظرا لموقعها الإستراتيجي ولوجودها في مفترق طرقات هامة فإن جهة التضامن قد وقع تعميرها منذ مدة طويلة وربما يرجع أول الإنتصاب بها إلى العهود الرومانية والقرطاجنية كما يدل على ذلك وجود علامات أثار رومانية "على الخريطة الطوبوغرافية مقياس 25000/1" ومما يدعم ذلك تواجد عدد كبير من الآبار يدل على أهمية النشاط الفلاحي بالجهة المرتكز أساسا على إستغلال المائدة المائية في ري الزراعات وفي توفير المياه الصالحة للشراب وكذلك كثافة المسالك الفلاحية التي تكون شبكة متشعبة جدا تربط كل نقاط هذه الجهة بعضها ببعض.
وربما اتخذ الإنتصاب في الأول شكل المنازل المنفردة والمبعثرة على كامل تراب الجهة على أن أول نوع من أنواع العمران المجمع كان قد ظهر منذ فجر الإستقلال واتخذ له شكل القرية الفلاحية الصغيرة بالمكان المعروف بالنقرة حاليا أو بموضع قريب منه. وقد تم إقتراح هذه الجهة منذ سنة 1948 كمنطقة توسع ذات صبغة فلاحية مميزة وطاغية إلى حدود سنة 1975 هذا التاريخ الذي برزت فيه ظاهرة التعمير التلقائي بهذه الجهة ثم تطورت على نسق سريع جدا سرعان ما خرج عن نطاق السيطرة الإدارية والقانونية ليصبح أمرا واقعا مما حدا بالسلط المسؤولة آنذاك إلى التدخل لإدماج التجمع العمراني والبشري الناشئ ضمن النسيج العمراني للجهة لتنظيمه وتحسين ظروف العيش والإقامة به وإدخال نوع من التوازن الوظيفي داخله عبر عديد مشاريع التهذيب والتجديد العمراني موّلها البنك العالمي من خلال سلسلة من القروض, تلى ذلك تكثيف التواجد الرسمي فأحدثت سنة 1984 بلدية تفرعت لاحقا إلى دائرتين بلديتين وتطورت حتى أصبحت من أهم البلديات الوطنية من حيث ثقلها البشري .
كما أحدثت كذلك ثلاثة معتمديات بها إنضمت منها معتمدية دوار هيشر في أوائل سنة 2001 إلى ولاية منوبة المحدثة في أواخر سنة 2000 .
والمستنتج من خلال هذا العرض السريع لتاريخ تعمير المنطقة أن هذه الجهة التي تم تعميرها قديما عرفت نموا عمرانيا سريعا بعد فترة كبيرة من الركود وكان هذا التعمير في بداية الأمر تلقائيا في أغلبه لكنه, أصبح منذ مدة وجيزة منظما ومتوازنا .